الرد على شبهة "إلهي إلهي لماذا تركتني؟":
في هذا المقال سوف نقوم بشرح كيف للمسيح أن يدعو الله "إلهي" وهو الله؟ وسنفهم لماذا قال المسيح خصيصًا هذه العبارة على الصليب.
السياق
قبل أن نُجيب على هذا السؤال، ينبغي أن نملك بعض المعرفة حول طريقة اليهود في قراءة المزامير وحفظها والصلاة بها.
كان اليهود يحفظون المزامير دوماً، فكان المُعلِّمين اليهود يقولون بداية المزمور، فيُكمل التلاميذ باقي المزمور معاً وبصوتٍ واحد. أو إذا امتحن المُعلِّم تلاميذه، كان يقول بداية كل مزمور، ثُمَّ يُكمله التلاميذ كاملاً.
فمثلاً، عندما يقول المُعلَّم: الرَّبُّ رَاعِيَّ فَلاَ يُعْوِزُنِي شَيْءٌ.
كان التلاميذ يُكملون هذا المزمور، فيقولون: فِي مَرَاعٍ خُضْرٍ يُرْبِضُنِي. إِلَى مِيَاهِ الرَّاحَةِ يُورِدُنِي. يَرُدُّ نَفْسِي. يَهْدِينِي إِلَى سُبُلِ الْبِرِّ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. أَيْضًا إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي. عَصَاكَ وعُكَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي. تُرَتِّبُ قُدَّامِي مَائِدَةً تُجَاهَ مُضَايِقِيَّ. مَسَحْتَ بِالدُّهْنِ رَأْسِي. كَأْسِي رَيَّا. إِنَّمَا خَيْرٌ ورَحْمَةٌ يَتْبَعَانِنِي كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي، وأَسْكُنُ فِي بَيْتِ الرَّبِّ إِلَى مَدَى الأَيَّامِ
(مزمور ٢٣(
ماهي المزامير؟
المزامير: مُفردها
"مزمور" وهي
كتابات النبي
داود والتي
تُسمَّى "الزبور"
في الإسلام.
لماذا قال المسيح "إلهي إلهي لماذا تركتني؟
فالذي فعله المسيح على الصليب هو أنه قال بداية (مزمور ٢٢)، وحينها تذكر اليهود هذا المزمور وعرفوا أنه يتكلم عن المسيح المصلوب.
فهذه النبوة (مزمور ٢٢)، والذي في بدايتها: "إلهي إلهي لماذا تركتني؟"
قالها المسيح لكي يُذكِّر اليهود أنه هو المسيح الذي يتكلم عنه هذا المزمور، فكأن المسيح له كل المجد يقول لليهود: "عودوا واقرأوا هذا المزمور لأنه يتكلم عني."
ما هو الدليل على أن مزمور 22 يتكلم عن المسيح؟
والدليل على أنَّ هذا المزمور يتكلم عن المسيح ويتنبأ عنه هو بقية المزمور، فعندما نكمل قراءة المزمور نجده يقول: يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ أي أنهم اقتسموا ثياب المسيح المُخلِّص وعملوا قُرعة على ثياب السيِّد المسيح وهو على الصليب وطبعاً وبلا شكّ نجد هذه النبوة قد تحققت، فيقول الإنجيل المُقدَّس: ثُمَّ إِنَّ الْعَسْكَرَ لَمَّا كَانُوا قَدْ صَلَبُوا يَسُوعَ، أَخَذُوا ثِيَابَهُ وَ جَعَلُوهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ، لِكُلِّ عَسْكَرِيٍّ قِسْمًا.وَ أَخَذُوا الْقَمِيصَ أَيْضًا. وَ كَانَ الْقَمِيصُ بِغَيْرِ خِيَاطَةٍ، مَنْسُوجًا كُلُّهُ مِنْ فَوْقُ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «لاَ نَشُقُّهُ، بَلْ نَقْتَرِعُ عَلَيْهِ لِمَنْ يَكُونُ.» لِيَتِمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «اقْتَسَمُوا ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وعَلَى لِبَاسِي أَلْقَوْا قُرْعَةً». هذَا فَعَلَهُ الْعَسْكَرُ) يوحنا 19: 23-24(
وهذه الآية نبوة عن صلب السيِّد المسيح، فثقب يديه ورجليه دلالة على دخول المسامير بهم أي صلبه. والمجد للمسيح إلهنا الحيّ.
هل عبارة "إلهي إلهي لماذا تركتني" تعني أن الله ترك المسيح؟
و طبعاً، عبارة "إلهي إلهي لماذا تركتني؟" لا تُفهم على أنَّ الله قد ترك المسيح، لا طبعاً! دعوني أُعطي لكم مثالاً على هذا: عندما يأخذ الأب ابنه إلى الطبيب، يقول حينها الطفل من شدَّة الألم: "لماذا تركتني يا أبي؟" وبالطبع والد هذا الطفل لم يتركه أبداً، بل أنه ممسك بيده حتى وهو عند الطبيب ولكنه تركه يتألم للحظات فقط، والترك لا يعني الانفصال أو الابتعاد.
فقول المسيح
له كل
المجد "لماذا
تركتني؟"،
يقصد به
أنه صار
متروكًا "بنظرهم"
هم، ايّ
الجموع الذي
كانت تشاهد
حادثة الصلب.
لماذا قال المسيح "إلهي " لله؟
أما عن عبارة "إلهي إلهي؟" وحدها، فيقول السائل، كيف للمسيح أن يدعو الله "إلهي" وهو الله؟ نجيبه بنعمة المسيح قائلين:
المسيح هو الله أصلاً، ولكن المسيح تجسد في وقتٍ معين من الزمان، وفي تجسده هذا اختار أن يُشبهنا نحن البشر بكل شيء لأنه يحبنا ويُريد أن نراه وأن نكون معه دوماً، فهو يشبهنا بكل شيء ما عدا الخطية. فبما أن المسيح أخذ الطبيعة البشرية واختار أن يشابهنا في كل شيء، فمن الطبيعي أن يكون هو عبد الله مثلنا نحن، عبيد الله. وهذا في طبيعته البشرية "الناسوت".
فهو بطبيعته الإنسانية يقول الله "إلهي" وهذا ببساطة لأنه تجسد، فيقول الكتاب المقدس: لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. (فيلبي 2: 7)
فبهذه اللحظة
كان يتكلم
كإنسان، فالمسيح
ليس إلها
فقط بل
هو إنسان
أيضاً. فالمسيح
كان يأكل
ويشرب مثلاً،
وهذا كان
بناسوته أي
بطبيعته البشرية،
ولكنه بنفس
الوقت كان
يطعم المحتاجين
وهذا بلاهوته
أي بطبيعته
الإلهية. ثم
أن السيد
المسيح كان
نائباً عن
البشرية في
أمور كثيرة
مثل الصوم
(صام أربعين
يوم) وتعمد
كنائب عن
البشرية وبقوله
هذا "إلهي
إلهي لماذا
تركتني؟"،
كان نائبا
عن البشرية،
فهو كان
يمثل البشرية،
فهو نائب
عني وعنكم
وعن كل
البشر. إنه
يتكلم الآن
كإنسان، أخذ
طبيعة الإنسان،
ووقف نائبا
عن الإنسان
وبديلا عنه
أمام الله،
حمل كل
خطايا البشر،
وهو الآن
يدفع ديونهم
جميعا. فما
كان يجب
أن نعاني
منه، أخذه
المسيح، فعانى
المسيح لأجلنا
وصرخ وتألم
ومات عنا.
وللعلم، كلمات المسيح على الصليب ليست ضد الإيمان المسيحي ولا ضد كونه إلهاً، بل هي بحد ذاتها دليل يثبت ألوهية السيد المسيح، فمثلاً، قال الرب يسوع المسيح وهو على الصليب:فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ». (لوقا 23: 43) كان السيد المسيح هنا يقول للذي بجانبه على الصليب "اليوم تكون معي في الفردوس"، وهذا يدل على أن مفاتيح السماء مع المسيح، أي أن دينونة الناس وذهابهم إلى الملكوت أو النار هو من اختصاصه، وهذا الشيء يثبت لاهوته.
نُلخِّص
1. قال السيد المسيح هذه العبارة لتذكير اليهود بأن نبوة (مزمور ۲۲) تحققت به.
2. المسيح بطبيعته البشرية هو مثلنا تماماً ولكنه بلا خطية.
3. المسيح هو نائب عن البشرية وعلى الصليب أيضاً كان ينوب عن البشرية، فبقوله "إلهي إلهي لماذا تركتني؟" كان نائباً عن البشرية.
4. عبارة "إلهي إلهي" لا تنفي لاهوت "الوهية" السيد المسيح.
5. عبارة "لماذا تركتني؟" لا تعني أن الله قد ترك المسيح وفارقه.
الختام
يا احباء،
هذا السؤال
نسأله نحن
المسيحيون حتى،
ومن المتوجب
علينا أن
نفهم إيماننا،
فما هي
قيمتي كإنسان
وأنا لا
أعرف مخلصي
وربي؟! كوننا
لا نعرف
شيئاً ما
الآن، هذا
ليس عيباً،
ولكن العيب
أن نستمر
في عدم
المعرفة. فاليوم
خذ قرارك
لكي تعرف
المسيح معرفة
حقيقية، لا
معرفة سطحية،
خذ قرار
بأن تصلي
وتقرأ الكتاب
المقدس ولو
آية واحدة
كل يوم
لكي تتعرف
على إلهك
الذي خلقك
وفداك. وفي
حال كان
هناك شيئاً
غير مفهوم،
فرجاءً تواصلوا
معنا على
ايميل الموقع
وسنقوم بالرد
عليكم في
أسرع وقت
ممكن.
كاتب المقال:
الأخ سُهيل 📝